dimanche 18 mai 2008

مراقب الحسابات


رشيد تمر
الخبير المحاسب
الأمين العام السابق
لهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية



لم يدخر المشرع التونسي جهدا طيلة السنوات الأخيرة ومنذ سنة 1959، تاريخ إصدار المجلة التجارية، من تدعيم مؤسسة مراقبة الحسابات وذلك نظرا للمكانة الهامة والمتزايدة الأهمية التي تحتلها هذه المؤسسة بالنسبة للشركات التجارية.

ولقد كان لإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين ومراقبي الحسابات في سنة 1983 دورا هاما في تنظيم المهنة والرفع من نوعية خدماتها مع ضمان مصداقيتها.

ثم جاءت مجلة الشركات التجارية في نوفمبر 2000 لتتوج هذا العمل و تأتي بالتنقيحات اللازمة لإبراز حقوق وواجبات مراقب الحسابات وكذلك نشاط عمله.

فصار ينظر لمراقب الحسابات على أنه الخبير في ميدانه والمسؤول عن أعماله وبالتالي لا يعذر عن أي خطئ يرتكبه عند إبداء رأيه الفني إعتبارا لخطورة المكانة التي يحتلها بالمؤسسات التي تمثل النسيج الإقتصادي للبلاد.

ولقد اعتبر البعض أنّ مراقب الحسابات هو شخص محضوض على المستوى المادي بالنظر إلى نوع السيارة التي يملكها والمسكن الذي يسكنه وبالتالي فمن حق مستعملي خدماته الحصول على الحد الأقصى من الجودة والدقة في مصادقته على القوائم المالية للشركات.

كما خص المشرع مراقب الحسابات بالعديد من العقوبات الجزائية في حالة تقعصه عن القيام بواجباته مما جعل طلبة الخبرة في المحاسبة يفكرون أكثر من مرة قبل توجههم نحو هذا المجال ثم تسجيل أسمائهم بجدول الهيئة عند إتمام دراستهم.

وللتذكير فإن دور مراقب الحسابات ينحصر في :

· المصادقة على سلامة و نزاهة القوائم المالية وكذلك على صحة المعلومات المالية المقدمة للشركات ضمن تقرير النشاط السنوي للشركة،

· التحقيق في سلامة و نزاهة بعض العمليات الخاصة التي تقوم بها الشركة والمحددة قانونا،

· إشعار النيابة العامة وبالوقائع ذات الصبغة الجزائية التي تصل إلى علمه،

· إشعار لجنة المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية في حالة مرور الشركة التي يراقبها بتلك الصعوبات دون أن تجد حلا لها،

· إشعار البنك المركزي التونسي ومجلس السوق المالية ببعض المخالفات المحددة قانونا إن وجدت والمرتكبة تباعا من قبل مؤسسات القرض أو تلك المدرجة بالبورصة.

ويمكن لمراقب الحسابات المصادقة على سلامة ونزاهة الحسابات دون تحفظ أو بتحفظ أو بعدم المصادقة. غير أن العبارات التقنية التي استعملها المشرع لمجلة الشركات التجارية لقيت العديد من المؤاخذات بالأوساط المهنية وذلك نظرا لغموضها وعدم ملائمتها مع التقاليد المعمول بها في ميدان مراجعة الحسابات. ولعل تنقيح المجلة التجارية بالقانون عدد 65 الصادر في شهر جويلية 2005 قد بدد البعض من هذه المؤاخذات، حيث إهتم هذا التنقيح أساسا بتحديد :

· نوعية مهمة الرقابة و مساحة الميدان المطالب بتغطيته،
· الأشخاص الذين يمكن لهم القيام بها،
· مسؤولية مراقب الحسابات.

وأهم ما يقال في هذا الميدان هو :

· إلغاء عبارة الرقابة المفصلة التي أستند عليها بعض حكام التحقيق لتوجيه التهم إلى مراقب الحسابات و تعويضها بعبارة الرقابة حسب المعايير المهنية الجاري بها العمل،

· تحوير الفصل 200 لمجلة الشركات التجارية المتعلق بالإتفاقيات القائمة بين الشركة ومسيريها والغير بتحديدها دون لبس مما يسهل على المراقب القيام بأعماله في هذا المجال،

· تكليف المراقب بالتثبت من جدوى نظام الرقابة الداخلية للشركة وبصفة دورية وهو أمر كان وما زال يقوم به المراقب طبقا لمعايير المهنة قبل أن يكلفه به القانون،

· تدعيم مسؤولية مراقب الحسابات التي هي إدارية وتأديبية ومدنية وجنائية بمطالبته بالتأكد من أن مقتضيات الفصل 200 من المجلة المذكورة وقع احترامها من طرف مسيري الشركة.

غير أن هذه التنقيحات لم تكفي لتبدد بصفة شافية مخاوف مستعملي المعلومة المالية أضف إلى ذلك الفضائح المالية التي نشبت في أنحاء العالم بما في ذلك بلادنا والتي زادت الطين بله، وجعلت حكومات ومشرعي أهم دول العالم تضع نقاط إستفهام على مصداقية خدمات مراقبي الحسابات المطالبون أساسا بالمصادقة على مصداقية المعلومة المالية، مما حدا بهذه الحكومات إلى حرمانهم من حقهم التاريخي في تحديد معاييرهم المهنية بأنفسهم.

فكان لا بد من تدعيم ثقة المستثمر في هذه المعلومات التي بدونها لا يمكن قياس مدى نجاعة المؤسسات الإقتصادية. وكان بالتالي لزاما على المشرع التونسي أن يواكب الأحداث و ينسج على منوال من مسهم هذا الضر مثل الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا وإيطاليا فجاء القانون عدد 96 بتاريخ 18 أكتوبر 2005.

لقد أحدث هذا القانون تغييرا عميقا في مؤسسة رقابة الحسابات على مستوى تحديد الأشخاص المخول لهم تعاطي هاته المهنة وكذلك العناية المهنية المستوجبة عليهم. ولعل أهم ما جاء من عناصر في هذا المضمار هي :

· شروط التعيين،
· والتداول على المهمة،
· المراقبة المزدوجة،
· والعناية المهنية اللازمة التي يجب على المراقب بذلها لإبراء ذمته.

1- شروط التعيين :

لقد جاء قانون التنقيح ليحور بصفة جذرية ما جاء بالفصل 13 القديم من المجلة التجارية الذي ألزم كل شركة تجارية بتعيين مراقبا لحساباتها إذا كان رقم معاملاتها طيلة ثلاث سنوات أو رأس مالها يفوق مبلغا يحدد بقرار من وزير المالية. فقد أبقى هذا التنقيح على المبدأ العام الملزم لكل شركة تجارية بتعيين مراقبا لحساباتها ثم أفرغ ذلك المبدأ من محتواه بالعديد من الإستثناءات. فنص على أن شركات الأشخاص من بينها الشركات ذات المسؤولية المحدودة، باستثناء الشركات المساهمة مثل الشركة الخفية الإسم وشركات المقارضة بالمساهمة، غير ملزمة بتعيين مراقب لحساباتها :

· بالنسبة للسنة الأولى من نشاطها
· إذا لم تصل مبالغ مجموع موازنتها وكذلك رقم معاملاتها إلى الحد الذي يعين بأمر
· إذا لم تصل إلى الحد المذكور أعلاه طيلة السنتين الأخيرتين من مهمة الرقابة التي تدوم كما هو معلوم 3 سنوات.

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد أوكل التنقيح لمراقبي الحسابات المرسمون بهيئة الخبراء المحاسبين دون غيرهم مراقبة حسابات الشركات إذا ما أفرزت هذه الأخيرة مبالغ تفوق حدين من الثلاثة حدود المتعلقة بمجموع موازنتها ورقم معاملاتها وعدد عمالها.

وفي حالة عدم فوات الحدين المذكورين من بين الثلاثة يمكن للشركة تعيين مراقب حساباتها حسب إختيارها إما من بين مراقبي الحسابات المسجلين بهيئة الخبراء المحاسبين أو من بين المختصين في المحاسبة المرسمين بمجمع المحاسبين، مع العلم أن المختصين في المحاسبة ملزمون بكل الواجبات والتحجيرات والمسؤوليات المتعلقة بمراقب الحسابات المرسم بهيئة الخبراء المحاسبين.

وللتذكير فإن مهمة مراقبة الحسابات موكولة لمراقب الحسابات المرسم بهيئة الخبراء المحاسبين دون غيره بالنسبة للشركات التالية :

· المؤسسات العمومية،
· مؤسسات القرض،
· مؤسسات التوظيف الجماعي،
· المؤسسات المدرجة ببورصة القيم المنقولة،
· مراكز المصلحة العامة الإقتصادية.

والملاحظ أن الفصل 25 من القانون عدد 94 بتاريخ 18 أكتوبر 2005 والمتعلق بالتعاونيات الفلاحية خرج عن هذه القاعدة و ألزم التعاونيات المذكورة تعيين مراقب حسابات مسجل بهيئة الخبراء المحاسبين أو مختص في المحاسبة مسجل بمجمع المحاسبين، عندما يفوق مجموع موازنتها أو مبلغ رأس مالها مبالغ يقع تحديدهما بقرار من وزير الفلاحة ووزير المالية.

ويحق للمرء أن يتساءل في هذا المجال عن الدافع الذي جعل المشرع يوكل مهمة الرقابة إلى أشخاص ذوي مستويات تقنية مختلفة. فإذا كان الأمر يتعلق بقلة عدد الخبراء المحاسبين فإنّ هنالك منهم من يبحث عن عمل، وإذا إعتبر أن الشركات الصغرى سهلة الرقابة فالواقع يثبت عكس ذلك.
2- التداول على المهمة :

لقد أسس قانون أكتوبر 2005 نمطا جديدا لم تعهده المؤسسة من قبل وهو مبدأ التداول على المهمة المتمثل في ضرورة تغيير مراقب الحسابات بعد :

· 3 تعيينات متتالية أي بعد 9 سنوات بالنسبة للأشخاص الماديين،
· 5 تعيينات متتالية أي بعد 15 سنة بالنسبة للأشخاص المعنويين الممارسين لمهمة مراقبة الحسابات.

وحتى يتأقلم مراقبو الحسابات مع هذا التحديد في التعيين الذي لم يرى بعين راوية من طرفهم وحتى من طرف الشركات التي إعتادت على تعيين مراقب حساباتها والتجديد له كل 3 سنوات منذ نشأتها، نص قانون سلامة العلاقات المالية على أن قاعدة التداول يبدأ تطبيقها من غرة جانفي 2009 أي بعد حوالي 3 سنوات.

والملاحظ أن قاعدة التداول هذه لا تطبق على كل الشركات التجارية بل تخص فقط تلك التي تعيّن إلزاما أو إختياريا مراقب حسابات مسجل بهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية.

أما بالنسبة للتعاونيات الفلاحية فإنها حددّت المهمة ذات الثلاث السنوات بمرتين فقط، بقطع النظر عن نوعية المراقب سواء كان من بين الخبراء المحاسبين أو من بين المختصين في المحاسبة.

أما في ما يتعلق بشركات الرقابة المحاسبية فقد إشترط القانون الجديد عليهم :

· أن يكون عدد شركائهم 3 على الأقل مرسمون بهيئة الخبراء المحاسبين،
· تغيير الشريك المراقب الممضي لتقرير المراقبة تحت مسؤوليته دون تحديد المدّة،
· وتغيير فريق العمل المكلف بالمراقبة من خبراء و معاونين لهم بعد 9 سنوات على الأقل.

والجدير بالذكر أن مشروع الأمر المتعلق بالتداول قد يحجر في حالة ضرورة تغيير المراقب على المراقب الجديد تعيينه إذا :

· كانت شركة الرقابة تعد ضمن شركائها المراقب القديم،
· كان شريكا لشركة رقابة وقع تعويضها في إطار قاعدة التداول،
· كانت شركة الرقابة المعينة حديثا نتيجة عملية إندماج أو تقسيم إنطلاقا من شركة الرقابة التي سيقع التخلي عن خدماتها.

ونتساءل مرّة أخرى عن الدافع الذي جعل المشرّع يخص الخبراء المحاسبين دون غيرهم بقاعدة التداول. فإذا كان الهدف منها يتمثل في تدعيم سلامة ومصداقية المعلومة المالية فإن المؤسسات الصغرى أحوج من أن يشمل مراقبيها هذا التداول.

3- المراقبة المزدوجة :

لقد ألزم قانون تدعيم سلامة العلاقات المالية تعيين أكثر من مراقب حسابات من بين مراقبي الحسابات المسجلين بهيئة الخبراء المحاسبين بالنسبة للشركات التالية :

· مؤسسات القرض التي تتجه للإدخار العام و مؤسسات التأمين المتعدّدة الفروع،
· المؤسسات الملزمة قانونا بضبط قوائم مالية مجمّعة إذا كان مجموع موازنة تلك القوائم يفوق مبلغا يحدّد بأمر. ولقد اقترح في مشروع الأمر لذلك مبلغ مائة مليون دينار،
· الشركات التي تفوق إلتزاماتها لدى مؤسسات القرض وديونها الجارية تجاه الإدخار العام عبر إصدار السندات، مبلغا يحدّد بأمر. ولقد اقترح في مشروع الأمر لذلك مبلغ 25 مليون دينار.

والجدير بالذكر أنه خلافا لقاعدة التداول، فإن قاعدة المراقبة المزدوجة يقع تطبيقها عند صدور هذا القانون.

وفي رأينا أن قاعدة الرقابة المزدوجة تطبق على القوائم المالية لسنة 2005 أي أن على الشركات جمع مساهميها لتعيين مراقب ثان على الأقل في حالة وجودها ضمن الحالة المذكورة أعلاه إن لم تكن قد قامت بذلك بعد منذ بداية التعيين.

كما اشترط قانون تدعيم سلامة العلاقات المالية على مراقب الحسابات في حالة الازدواجية :

· أن لا تكون لهم علاقة شراكة أو أي علاقات أخرى بأي شكل من الأشكال من شأنها أن تحدّ من إستقلاليتهم،
· ضبط شروط تحرير تقريرهم مع إعتماد مبدأ الرقابة المقارنة.

هذا ولقد بدأت الهياكل المختصة لهيئة الخبراء في ضبط مشروع معيار مهني للرقابة المزدوجة يقع إقتراحه على سلطة الإشراف.

ويشتد الجدل في هذه الأيام حول ضرورة تعيين مراقبين، أحدهم من ذوي التجربة والآخر من حديثي العهد بالمهنة حتى يحدث التلاقح المثمر بين المراقبين. وأترك لكم التفكير في مآل هذه التجربة.

4- بذل العناية المهنية :

وللمزيد من نشر المعلومة وضمان شفافيتها وكذلك متابعتها ألزم قانون تدعيم سلامة العلاقات المالية مراقبي الحسابات تسليم نسخة من تقريرهم إلى البنك المركزي التونسي بالنسبة :

· للشركات التي تتجه للإدخار العام،
· للشركات المطالبة بضبط قوائم مجمّعة إذا فاق مجموع موازناتها المجمّعة مبلغا يحدّد بأمر. ولقد اقترح في مشروع الأمر المذكور مبلغ 50 مليون دينار،
· للشركات التي تفوق إلتزاماتها لدى مؤسسات القرض وكذلك ديونها الجارية لدى الإدخار العام بإصدار السندات، مبلغا يحدّد بأمر.

والجدير بالذكر أن هذا التسليم للتقارير إلى البنك المركزي التونسي بالنسبة لمؤسسات القرض كان ساري المفعول بمقتضى القانون عدد 65 المؤرخ في 10 جويلية 2001.

أما في ما يتعلق بمجلس السوق المالية فلقد ألزم القانون الجديد مراقبي الحسابات بنفس التسليم بالنسبة :

· للشركات المدرجة ببورصة القيم المنقولة،
· أو التي تتجه للإدخار العام.

كما تلزمهم بإعلام المجلس بدون تأخير بكل ما من شأنه أن يحدث ضرر للمؤسسة أو لمساهميها ودائنيها المدخرين العامين أو يهدّد إستمراريتها.

والجدير بالذكر أيضا أن هذه الإلتزامات قد نص عليها بعد القانون عدد 83 بتاريخ 24 جويلية 2001 المتعلق بمؤسسات التوظيف الجماعي.

هذا ولقد نص القانون الجديد ولأول مرة على ضرورة دعوة مراقب الحسابات إلى جلسات هياكل التصرف التي يتم فيها ضبط القوائم المالية وكذلك الجلسات العامة للمساهمين. ونذكر أن على الشركات إيداع قوائمها المالية سنويا وذكر إسم مراقبها في كلّ تعيين بالسجل التجاري. وخصص في هذا المجال عقابا جزائيا للمخالف يتمثل في خطية بقيمة مائة ألف دينار.

وحتى يضمن القانون الجديد كل حظوظ النجاح لمهمة مراقب الحسابات، فقد ألزم الممثل القانوني للشركة وكذلك المكلفون بالشؤون المالية بإمضاء تصريح سنوي يشهدون فيه لمراقب الحسابات بأنّهم قد أمدوه بالمعلومات والوثائق اللازمة لإنجاز مهمته على أحسن وجه، وأن تلك المعلومات شاملة و مطابقة لما جاء بالقوائم المالية وبالقانون المحاسبي.

مع العلم أن هذه القاعدة لا تخص إلا مراقبي الحسابات التابعين لهيئة الخبراء المحاسبين دون سواهم، وهذا أمر يبعث على الدهشة مرّة أخرى.

فمن ناحية يرى المشرّع يسمح بالرقابة التي تمثل تقنية عالية التعقيب إلى أعضاء هيكلين غير متوازنين من حيث التكوين، ومن ناحية أخرى يحرم أعضاء إحدى هذين الهيكلين من حقهم في الحصول على شهادة من قبل مسيري الشركة تبعث في نفسهم الإطمئنان وتحدّ من مسؤوليتهم.

هذا وفي نفس المجال عزز القانون الجديد حقوق مراقب الحسابات فنص على معاقبة جزائية بستة أشهر وبخطية بخمسة آلاف دينار أو لأحد العقوبتين لكل ممثل قانوني لشركة قام بتعطيل أعمال مراقب الحسابات أو رفض مده بالوثائق المطلوبة واللازمة لإنجاز مهمته.

والملاحظ أن القانون عدد 83 المؤرخ في 24 جويلية 2004 والمتعلق بمؤسسات التوظيف الجماعي نص على نفس العقوبة بفصلها عدد 56. فنحن أمام عقوبتين لنفس الجناية.

الخاتمة


إن مؤسسة مراقبة الحسابات المدرجة ضمن مجلة الشركات التجارية، ما انفكت تدعم من طرف المشرع التونسي من سنة إلى أخرى، رغم الإنتقادات الموجهة إليه وذلك :

· بتحديد مهمة المراقب بالإستناد إلى المعايير المهنية وهي قفزة نوعية في حد ذاتها،

· بتدعيم إستقلاليته بالتنصيص على التحجير و الحد من تجديد التعيين،

· بضبط حقوقه وواجباته مع التنصيص وبكل حدة على مسؤوليته.

وباعتبار أن القوانين قد كتب عليها التنقيح تلو التنقيح نظرا للتطورات الإقتصادية السريعة، فإن هذا التعزيز لمؤسسة مراقبة الحسابات مازال يحتاج إلى إرداف إضافي يدعم نصوصها من طرف كلّ الجهات الفاعلة :

فالنسبة للمشرع نقترح :

· التقليص من منح التجريم بالعقوبة البدنية المخصصة للمراقب لإحداث توازن بينها وبين الجرائم المماثلة إذ أنّ ضابط الشرطة على سبيل المثال لا يجرّم بدنيا إذا إمتنع عن الإعلان عن جناية وصلت إلى علمه،

· أقلمة كل القوانين المتعلقة بمراجعة الحسابات من رقابة حسابات الشركات الخاصة والعمومية التي تتمتع باستقلالية مالية على حد السواء،

· إحداث مجلس لمراجعة الحسابات،

· إنشاء مجمع وطني لمراقبي الحسابات من خبراء و فنيين في المحاسبة،

· إحداث خطة خبير مالي ضمن لجنة المراجعة يعطي إضافة نوعية للهياكل المكلّفة لمتابعة الرقابة للمؤسسات،

· إلزام هياكل تسيير الشركة بتحرير تقرير سنوي عن حالة الرقابة الداخلية للمؤسسة وعرضها على مراقب الحسابات للمصادقة عن سلامة مضمونه و مصداقيته.

وبالنسبة للهياكل المهنية نقترح :

· تحسيس أعضائها بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم عبر الدورات التكوينية،

· ضبط المعايير المهنية وتدعينها بنص قانوني،

· دراسة القضايا التي علقت ببعض المراقبين والإعتبار بها لتفاديها وكذلك لتحديد النواقص القانونية مع تلافيها والتي من شأنها أن تزيل الضيم، إن وجد، على المهنيين، وتسهل عمل سلك القضاء،

· التجاوب مع فرص الحوار التي تخلقها هياكل المهنية مع القضاة لتوحيد الرؤى للإطلاع عن كثب على مشاغل المهنيين وفي ذلك خير عميم للطرفين،

· الإستناد أكثر فأكثر على التقاليد المهنية ومعايير المراجعة في تقييم أعمال المراقب وتحديد مسؤوليته.

وأما بالنسبة للمراقب، ولا أبرئ نفسنا، نقترح :

· التحري قدر الإمكان قبل قبول المراقب للمهمة وأثناء القيام بعمله مع الإستئناس بآراء المراقبين ذوي التجربة العالية في الحالات المستعصية،

· والإهتمام بتكوينه المتواصل نظرا للسرعة الفائقة التي تتطور بها النشاطات الإقتصادية للإستعانة بأحدث طرق الإتصال والحصول على المعلومة الصادقة. ديدانه في كل ذلك، الكفاءة والإستقلالية التي تمثل رأس ماله،

· المساهمة أكثر فأكثر في التكوين التطبيقي لطلاب الخبرة في المحاسبة قصد تمكينهم من إستشراف المناخ المهني الذي ينتظرهم.

والقائمة تطول وتطول والرضا بالقليل المنجز خير من الكثير المثبت على الأوراق.

والسلام.

Aucun commentaire:

أقسم بالله العظيم أن أقوم بأعمالي في مهنة المحـامـاة بأمــانة و شرف و أحافظ على سرالمهنة و أن أحترم القوانين و أن لا أتحدى الاحترام الواجب للمحاكم و للسلط العمومية